في ظل استمرار الاحتجاجات اليومية لمختلف الفئات في إيران، صرحت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، بأن إدارة الرئيس مسعود بزشكيان قد تكون مستعدة، لأول مرة منذ ثورة 1979، لاحترام حق التظاهر، وسط تكهنات إعلامية بأن الحكومة تستعد لمواجهة احتجاجات سياسية محتملة.
وينص الدستور الإيراني رسميًا على الحق في التجمع والتظاهر السلمي، إلا أن العديد من مواده تُهمّش من قِبل الحكومة؛ فعلى سبيل المثال، تجيز المادة 27 التجمعات والمسيرات العامة، بشرط أن تكون غير مسلحة ولا تتعارض مع المبادئ الإسلامية.
ورغم ذلك، تُمنح التصاريح عادةً لمؤيدي النظام، لتنظيم تجمعات حاشدة تتعلق بقضايا مثل فلسطين أو فعاليات دينية وسياسية، بينما يُحرم المواطنون العاديون، مثل الطلاب والعمال والمعلمين، من هذه التصاريح، ما يدفع الحكومة إلى تصنيف احتجاجاتهم على أنها "غير مرخصة"، وتستخدم ذلك كذريعة لقمع المشاركين بالاعتقالات.
وصرحت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، لوسائل الإعلام في طهران، بأن الحكومة تنظر إلى القانون نظرة إيجابية، لكنها تنتظر "تعديلاً" يضمن حرية تنظيم الاحتجاجات السياسية، وإن كان ذلك "بطريقة مختلفة". وعلى الرغم من أن هذا التصريح يبدو مبشرًا، فإنه يضيف غموضًا إلى المادة الدستورية الواضحة في نصها.
ومع ذلك، قد تكون الإشارة هنا إلى قانون تنظيم الأحزاب السياسية وليس الدستور؛ حيث يتطلب هذا القانون موافقة وزارة الداخلية على التجمعات، وقد استُخدم مرارًا كذريعة لحظر المظاهرات.
وأكدت مهاجراني أن حكومة الرئيس بزشكيان تعترف بحق الشعب في الاحتجاج، وأنها تنتظر بجدية تعديل القانون من قِبل البرلمان، لكنها لم تفصح عن تفاصيل النصوص، التي تحتاج إلى مراجعة.
وفسّرت وسائل الإعلام الإيرانية تصريحات مهاجراني بأنها إشارة إلى أن الحكومة تستعد لمواجهة احتجاجات سياسية محتملة؛ حيث تتوقع السلطات مظاهرات، خاصة في طهران، عقب تطورات سياسية أو اقتصادية كبيرة، أو حتى مباريات كرة القدم المهمة.
وأفاد العديد من الإيرانيين، على وسائل التواصل الاجتماعي، بوجود انتشار أمني مكثف في طهران، بعد صدور قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، ضد طهران، أمس الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني).
ويبدو أن الحكومة كانت تخشى أن يُضعف القرار سلطتها ويشجع المعارضة. ومع ذلك، لم تحدث أي احتجاجات كبيرة، وربما كان الوجود الأمني المكثف مجرد استعراض للقوة، وسط انقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار.
ونُظمت احتجاجات سلمية أمام البرلمان، في الآونة الأخيرة، إلى جانب تجمعات أخرى للمتقاعدين والمعلمين، الذين يعترضون على تأخر تسوية رواتبهم.
ومن المثير للاهتمام أن أنصار فرض الرقابة على الإنترنت نظموا مظاهرتين دون طلب إذن، بينما صرّح وزير الداخلية الإيراني، إسكندر مؤمني، بأن من يدعون إلى رفع الحظر عن وسائل التواصل الاجتماعي لن يُسمح لهم بالتظاهر، رغم تقديمهم طلبًا للحصول على تصريح.
وأوضحت مهاجراني أن مشروع قانون متعلق بالاحتجاجات قد أُرسل إلى البرلمان للتعديل من قِبل حكومة الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي. ولكن إدارة الرئيس الأسبق، حسن روحاني، سعت إلى تعديل القانون قبل ذلك. وكان روحاني، الذي أثار رفعه المفاجئ لأسعار الوقود في 2019، احتجاجات واسعة النطاق، قد دعا إلى تشريع يتيح التظاهر السلمي بعد أن قتلت قوات الأمن مئات المحتجين واعتقلت العديد منهم.
ورغم أن البرلمان رفض سابقًا تعديل القانون في عهدي رئيسي وروحاني، فقد وافق الآن على مراجعته، وقد يكون هذا التحول ناتجًا عن ثقة النواب بأن قراراتهم لن تؤثر على فرصهم الانتخابية، مع بقاء ثلاث سنوات على الانتخابات المقبلة.
وبعد احتجاجات 2019، اقترحت إدارة روحاني إنشاء مساحة مشابهة لـ"هايد بارك" في طهران للتظاهر السلمي، لكن الخطة قوبلت بالرفض من قِبل القضاء الإداري. ويقول النشطاء السياسيون إن الحكومات المتعاقبة تنظر في تسهيل التظاهر السلمي فقط عقب اضطرابات اجتماعية كبيرة، ثم تتخلى عن هذه الخطط بمجرد هدوء الاحتجاجات.
ويرى بعض المراقبين أن التأخير في سن تشريعات ذات صلة ورفض وزارة الداخلية إصدار تصاريح للاحتجاجات يعود إلى طبيعة الشعارات، التي رُددت خلال احتجاجات 2019 و2022، والتي استهدفت المرشد علي خامنئي، ودعت إلى إسقاط النظام الإيراني.